تعد حياة الذئاب في الشتاء من الأمور المثيرة التي تجذب اهتمام الكثير من محبي الطبيعة، فالذئاب أو كما تُعرَف باسم (ابن آوى)، هي أحد أنواع الكائنات البرية التي تنتمي إلى فصيلة الكلبيات شعبة الحبليات، تلعب دوراً كبيراً في السلسلة الغذائية بسبب اعتمادها على افتراس الكائنات اللاحمة.
بالرغم من قوتها تواجه الذئاب مجموعة من التحديات في فصل الشتاء، مثل الطقس القاسي وصعوبة الحصول على الطعام بسبب فقدان العديد من الموائل، الأمر الذي تطلب منها وضع استراتيجيات للتكيف مع المخاطر التي تتعرض لها.
كيف تعيش الذئاب في فصل الشتاء؟ ما هي استراتيجيات الصيد التي تتبعها في هذا الفصل؟ ما هي الأماكن التي تلجأ إليها؟ كيف يتكيف جسدها مع تقلبات الطقس؟ هذه التساؤلات وغيرها العديد سنجيب عنها في هذا المقال، تابع معنا.
استمرار حياة الذئاب في الشتاء:
يمكننا القول أن الذئاب هم كائنات انتهازية تعمل على التجمع في مجموعات لتشكل قطعان، يتحدون فيما بينهم لتشكيل مجموعات متنوعة تساعدهم في بعض الأمور أبرزها: توفير الدفء وذلك من خلال اجتماعهم للتدفئة والنوم بطريقة تساعدهم في المحافظة على درجة حرارة أجسادهم وتقيهم من التعرض لهجمات البرد القارسة.
بالإضافة إلى ذلك فاتحاد الذئاب في قطعان يساعدهم في إنجاز العديد من المهام كالصيد الجماعي الذي يعزز من إمكانية حصولهم على طعام من خلال التنسيق المُتقن للإحاطة بالفريسة والانقضاض عليها، هذا التعاون الذي يزيد من قوة المجموعة وقدرتها على مواجهة التحديات والمخاطر المُحتملة.
في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى خصائص فراء الذئاب وكيف يحميها من درجات الحرارة المنخفضة، فهو يتكون من طبقتين هما:
طبقة داخلية كثيفة تعد بمثابة عازل حراري، تلعب دوراً كبيراً في الحفاظ على حرارة جسم الذئب حتى في أيام البرد القارس.
طبقة خارجية سميكة وتتمتع بقدرتها الكبيرة على مقاومة الماء، وتعمل على منح حماية إضافية من المطر والثلج والرياح، كما تُبقي الطبقة الداخلية جافة.
تجدر الإشارة إلى أن فراء الذئب لديه القدرة على التكيف الموسمي، وبشكل خاص خلال فصل الشتاء، فهو يصبح أكثر سماكة وكثافة، وبالتالي توفير المزيد من الدفء.
استراتيجيات الصيد في الشتاء:
تعتمد الذئاب في الشتاء على مجموعة من الاستراتيجيات للحفاظ على حياتها وتأمين متطلباتها، إلا أن هذا الأمر يتعدل وفقاً لندرة الطعام، فكما نعلم أنه خلال فصل الشتاء تنخفض درجات الحرارة الأمر الذي يؤدي إلى تراجع نشاط الفرائس وندرة وجودها، الأمر الذي يتطلب من الذئاب إيجاد استراتيجيات وتقنيات جديدة تساعدها في إيجاد فرائس والانقضاض عليها، حيث يعتمدون بذلك على القطيع والعمل الجماعي لتسهيل هذا الأمر، ويعملون على تقسيم الأدوار بدءاً من التعقب والمطاردة، وصولاً إلى الإحاطة بالفريسة، فعندما تنجح الذئاب في اصطياد الفرائس الكبيرة تتوزع إلى مجموعات فمنها ما يحيط بها ويلجأ إلى عض الجنبين والكتفين، والبعض يقترب منها من الخلف، أما الجزء الآخر فيمسك الفريسة من أنفها.
https://teketrek.net/en/west-african-giraffe/
مواقع المأوى والحماية:
عند قدوم فصل الشتاء الذي يُنذر بانخفاض درجات الحرارة تبحث الذئاب عن أماكن تستطيع أن تلجأ إليها للنوم والحصول على الدفء، فتتخذ من الكهوف والحفر الطبيعية مسكناً لها، الأمر الذي يشكل عزل طبيعي يحميها من البرودة الشديدة ويساعدها في الحفاظ على درجة حرارة أجسامها، علاوة على ما تلعبه هذه المواقع من دور مهم في حماية جرائها وتجنيبها للآثار المحتملة من انخفاض درجات الحرارة، في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى النقاط التالية:
مدخل وكر الذئاب يصل قطره إلى 45 سم.
الممر قد يكون ذو شكل مستقيم، أو متفرع، أو متعرج.
يتراوح طوله بين 1,5 و5,5 متر.
تتوضع في نهاية الوكر غرفة يبلغ عرضها 127 سم وارتفاعها 50 سم، أما عمقها حوالي 1 متر.
https://teketrek.net/en/the-effect-of-winter-cold-on-the-health-of-horses-tips-to-protect-your-horse-in-cold-weather/
تكيفات فسيولوجية مدهشة للذئاب:
تعد الذئاب من أكثر الكائنات التي تمتلك قدرة كبيرة على التكيف مع انخفاض درجات الحرارة، فكما نعلم أن فرائها يوفر لها الحماية من انخفاض درجات الحرارة ويتغير مع تغير الفصول، فيصبح أكثر سماكة وكثافة في فصل الشتاء وذلك لتبقيها دافئة في ظل الظروف الجوية القاسية كالرياح والثلوج، وتقيها من الماء.
لا تنحصر تكيفات الذئاب في الشتاء على الفراء، بل نلاحظ أيضاً انخفاض احتياجاتها الغذائية خلال هذا الوقت من العام، فكما نعلم أنه في ظل الظروف المناخية القاسية يندر وجود الطعام، لذلك تلجأ الذئاب إلى الحد من نشاطها البدني بهدف توفير الطاقة، بالإضافة إلى امتلاكها مخزون دهني تستطيع أن تعتمد عليه لتزويد جسدها بالطاقة اللازمة للبقاء.
أهمية الذئاب في النظام البيئي الشتوي:
تلعب الذئاب دوراً جوهرياً في النظام البيئي، فهي تقع على قمة السلسلة الغذائية، وتعمل على تنظيم عدد الحيوانات كالغزلان والأيائل، بالإضافة إلى دورها الكبير في حماية النباتات والحيوانات الموجودة في الأماكن التي تحيا بها، فازدياد عدد الحيوانات الضارة يؤدي إلى حدوث اضطراب ضمن النظام البيئي ونقص في الغطاء النباتي، لذلك تلجأ الذئاب إلى الانقضاض عليها واتخاذها كمصدر غذائي، وبالتالي استعادة التوازن البيئي.
تجدر الإشارة إلى أن الذئاب تمتلك قدرة كبيرة على الشم والتعقب، فهي تستطيع بكل سهولة معرفة الحيوانات المُصابة بأمراض معينة، لذلك تقوم بافتراسها قبل وصول المرض إلى بقية الكائنات، الأمر الذي يحمي النظام البيئي من انتشار هذه الأمراض.
في ختام حديثنا عن الذئاب في الشتاء، نجد أنها كائنات استثنائية تمتلك قدراً عالياً من القوة والذكاء الذي يساعدها على التكيف مع مختلف الظروف المحيطة، بفضل فرائها السميك الذي يحميها من البرد، واستراتيجيات الصيد التي تتبعها، لذلك لا بد من التعرف على هذه الكائنات المذهلة وحمايتها للحفاظ على التوازن البيئي.