في زوايا منازلنا، تُشاركنا القطط لحظات من الدفء والحنان، إلا أنها أصبحت محور جدل حول صحة المرأة، وخاصةً فيما يتعلق بالحمل والعقم. تُثير الخرافات والمفاهيم الخاطئة التي تربط القطط بداء المقوسات الخوف، مما يدفع بعض النساء إلى التخلي عن حيواناتهن الأليفة، رغم عدم وجود أدلة علمية دامغة تدعم هذه المخاوف. إليكم التفاصيل في هذه المقالة من teketrek.
هل القطط تسبب العقم عند النساء حقا
لفهم هذا الجدل الواسع الذي يربط القطط بالعقم، نحتاج أولاً إلى التمييز بين ما هو شائع وما هو صحيح، بين الأسطورة والحقيقة، وبين الخوف والمعلومات الدقيقة.
نشأ هذا الاعتقاد بشكل رئيسي من الخلط بين وجود القطط وخطر الإصابة بمرض يُعرف باسم داء المقوسات - وهو عدوى طفيلية لا يمكن أن تكون خطيرة إلا في حالات محددة.
الحقيقة هي:
- القطط لا تسبب العقم بشكل مباشر: العقم مشكلة صحية معقدة قد تنجم عن عوامل هرمونية، أو اضطرابات في الجهاز التناسلي، أو أمراض مزمنة، أو أسباب مناعية أو وراثية. لا يوجد دليل علمي يثبت تأثير القطط المنزلية على الخصوبة.
- ينشأ الخوف من ارتباط خاطئ بعدوى طفيلية: يعتقد الكثيرون أن وجود القطط في المنزل يعني، على الأرجح، خطر الإصابة بداء المقوسات، والذي يُفترض أنه يؤدي مباشرةً إلى العقم. هذا غير دقيق تمامًا.
- القطط المنزلية نادرا ما تنقل العدوى: خاصةً إذا لم تخرج أو تصطاد فرائس كالفئران أو الطيور. القطط التي تعيش داخل المنزل وتتغذى على طعام معقم، احتمال حملها للطفيليات يكاد يكون معدومًا.
لذلك، لا توجد علاقة مثبتة طبيًا بين العقم وتربية القطط. تنبع المخاوف الشائعة من سوء فهم طبيعة داء المقوسات، الذي يمكن أن يصاب به البشر بطرق مختلفة - ليس فقط من القطط - وهو لا يسبب العقم، ولكنه قد يشكل مخاطر أثناء الحمل في حالات معينة.

ما هو داء المقوسات
للتعمق في العلاقة بين القطط وصحة المرأة، من الضروري أولاً فهم داء المقوسات، وهو العدوى الطفيلية التي تدور حولها معظم الشائعات.
هذه العدوى معروفة طبيا منذ عقود وهي شائعة نسبيا، على الرغم من أن الأعراض عادة ما تكون خفيفة أو غير ملحوظة لدى معظم الناس.
ببساطة:
داء المقوسات يسببه الطفيلي التوكسوبلازما غوندي، الذي يتكاثر داخل أمعاء القطط المصابة ويخرج مع برازها. تحدث العدوى فقط عند ملامسة هذا البراز دون حماية.
تتنوع طرق انتقال العدوى:
لا يقتصر داء المقوسات على الاتصال ببراز القطط؛ بل يمكن أن ينتقل أيضًا عن طريق تناول اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدًا أو استهلاك الخضروات الملوثة وغير المغسولة.
القطط ليست المصدر الوحيد أو الرئيسي. تشير الدراسات إلى أن معظم الإصابات البشرية مرتبطة باللحوم النيئة وسوء النظافة.
عادةً، لا يشعر المصابون بأي أعراض، أو تظهر عليهم أعراض خفيفة تشبه أعراض الإنفلونزا، كالحمى أو التعب. إلا أن العدوى تُصبح خطيرة أثناء الحمل، إذ قد تُؤثر على الجنين.
داء المقوسات هو عدوى طفيلية تنتقل عن طريق طرق متعددة، وليس فقط من القطط، ويمكن تجنبها بسهولة من خلال الحفاظ على النظافة الشخصية وتجنب الأطعمة غير المطبوخة جيدًا.
من هن النساء الأكثر عرضة للخطر
لا تتعرض جميع النساء بشكل متساوٍ للإصابة أو الضرر الناتج عن داء المقوسات؛ إذ تختلف مستويات الخطر بناءً على صحة الفرد ومناعته.
إن فهم الفئات الأكثر ضعفاً يساعد على الوقاية الفعالة دون خوف لا داعي له:
- النساء الحوامل لأول مرة واللواتي لم يصابن بالعدوى من قبل: هن الأكثر عرضة للخطر لأن أجسامهن لم تطور مناعة ضد الطفيلي، مما يزيد من فرصة انتقال العدوى إلى الجنين.
- النساء اللاتي يتعاملن مع براز القطط بشكل مباشر دون حماية: خاصة إذا لم يرتدين القفازات أو يغسلن أيديهن جيدًا بعد ذلك.
- النساء اللاتي يعملن في البستنة أو يلمسن التربة بدون قفازات: قد تحتوي التربة على بيض طفيليات تنتقل عن طريق القطط المصابة.
- النساء اللواتي يتناولن اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدًا: بما في ذلك الأطعمة الشائعة مثل السوشي، أو المرتديلا، أو الكباب النيء، والتي قد تحمل العدوى.
بما أن عدوى داء المقوسات لا تحدث تلقائيًا لدى جميع النساء الحوامل، فإن الخطر الأكبر يكون لدى النساء الحوامل لأول مرة المعرضات لمصادر العدوى دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة. الوقاية ممكنة وسهلة باتباع الإرشادات الصحيحة.
هل تربية القطط آمنة أثناء الحمل
من أكثر الأسئلة شيوعاً بين النساء الحوامل: هل يجب أن أتخلص من قطتي أثناء الحمل
الجواب العلمي هو أن تربية القطط آمنة تمامًا، بشرط اتباع بعض القواعد الأساسية لحماية الأم والجنين:
- نعم، يمكنكِ تربية قطة أثناء الحمل دون قلق. لا داعي للتخلي عنها، فالعيش معها آمن مع بعض الاحتياطات.
- لا ينصح النساء الحوامل بتنظيف صندوق الفضلات بأنفسهن؛ وإذا لزم الأمر، ارتدين قفازات واقية واغسلن أيديهن جيدًا بالماء والصابون بعد ذلك.
- من الضروري إطعام القطط طعامًا مطبوخًا أو معقمًا. فالقطط التي تتناول طعامًا مُجهزًا أو مطبوخًا تكون أقل عرضة لحمل الطفيليات.
- يؤدي تنظيف صندوق الفضلات يوميًا إلى تقليل خطر الإصابة بالعدوى لأن الطفيلي يستغرق من يوم إلى خمسة أيام بعد خروجه مع البراز حتى يصبح معديًا.
- لا يؤدي الاتصال أو اللعب مع القطة إلى الإصابة بالعدوى إلا إذا كان الفراء ملوثًا بالبراز المحتوي على الطفيلي، وهو أمر نادر الحدوث إذا تم الحفاظ على النظافة.
لذا، فإن وجود قطة في المنزل لا يُشكل خطرًا على المرأة الحامل إذا التزمت بقواعد النظافة والتعامل الجيد مع فضلاتها. فالخطر لا يأتي من القطة نفسها، بل من إهمال التعامل مع فضلاتها بشكل صحيح.

نصائح للعناية الصحية والآمنة بالقطط
لتقليل مخاطر العدوى وضمان السلامة لك ولقطتك، إليك بعض النصائح العملية لرعاية القطط بشكل صحي وآمن:
- ارتدي دائمًا القفازات عند تنظيف صندوق الفضلات، ويفضل أن يقوم شخص آخر بذلك أثناء الحمل.
- اغسل يديك جيدًا بعد لمس القطة أو صندوق الفضلات الخاص بها.
- لا تسمح لقطتك بالخروج أو صيد الحيوانات، لأن هذا يزيد من خطر الإصابة بالطفيليات.
- قم بإطعام طفلك الطعام المعقم أو المطبوخ فقط، وتجنب اللحوم النيئة.
- قم بتنظيف صندوق الفضلات مرة واحدة على الأقل يوميًا لأن الطفيليات لا تصبح معدية فورًا بعد ترك القطة.
- قم بزيارة الطبيب البيطري مرتين في السنة على الأقل لإجراء الفحوصات والتأكد من صحة قطتك.
- احرص على تحديث تطعيمات قطتك وتوفير علاجات منتظمة للديدان والطفيليات الخارجية.
- تجنب التعامل مع التربة بدون قفازات، خاصة عند القيام بالبستنة.
الوقاية بسيطة للغاية، وتكمن في النظافة والرعاية البيطرية وتربية القطط بمسؤولية. القطط ليست آمنة فحسب، بل توفر أيضًا راحة نفسية ودعمًا عاطفيًا رائعًا.
الخاتمة
في عالمٍ مليءٍ بالمخاوف، حان الوقت لاستبدال الخرافات بالحقائق. القطط ليست تهديدًا للخصوبة ولا خطرًا خفيًا على الحمل؛ إنها كائناتٌ محبةٌ تستحق الفهم لا الرفض. بالوعي والرعاية المناسبة، تستطيع النساء الاحتفاظ بقططهن بأمان والاستمتاع بمحبتهن دون قلق.