كيف تبني الحيوانات بيوتها في الشتاء؟ سؤال طالما قام الباحثين وعلماء الحيوانات بالبحث للإجابة عنه، فمع اقتراب فصل الشتاء البارد تتحول الطبيعة إلى مسرح كبير يستعرض فيه كل كائن حي استراتيجياته الفريدة للبقاء على قيد الحياة، فهذا الفصل ليس مجرد فصل من فصول السنة، بل هو اختبار حقيقي لقدرة الكائنات الحية على التكيف مع الظروف القاسية.
يمثل فصل الشتاء للحيوانات تحدياً هائلاً يختبر مدى قدرتها على الصمود أمام البرد القارس والرياح العاتية والثلوج المتراكمة لذلك يصبح بناء الملاجئ والبيوت مسألة حياة أو موت، حيث تلجأ الحيوانات إلى ابتكارات مذهلة في تصميم وبناء أماكن تحميها من قسوة الطبيعة.
سنتعرف في هذا المقال على الطرق الرائعة التي تتبناها الحيوانات في بناء بيوتها في الشتاء، وكيف يتجلى ذكاءها الفطري في مواجهة تحديات البرد والطقس القاسي، هيا بنا نبدأ رحلتنا الممتعة.
أنواع الملاجئ التي تبنيها الحيوانات:
يتواجد في الطبيعة عدد كبير من الحيوانات فمنها ما يعيش بالقرب من سطح الأرض ومنها ما يعيش على الأغصان وفي الأشجار، وغيرها يتخذ من الماء ملجأ لها، لذلك نستعرض في السطور التالية أبرز الملاجئ التي تبنيها الحيوانات، وهي كالتالي:
أوكار الحيوانات البرية: تقوم بعض الحيوانات مثل الأرانب والقوارض بحفر أوكار وأنفاق تحت الأرض لحمايتها من جميع المخاطر التي تهدد حياتها سواء أكانت من الأحوال الجوية القاسية أو من الكائنات المفترسة، تستغل هذه الحيوانات التراب لتكوين عازل حراري يقيها من البرد خلال فصل الشتاء، كما أنها تقوم بحفر العديد من الأنفاق لها لتكوين نظام تهوية و مساعدتها في الهروب أثناء هجوم الحيوانات المفترسة عليها.
مساكن الطيور: تعيش الطيور على الأشجار والأغصان وتعتمد عليها في بناء أعشاشها، حيث تقوم بالتقاط القش والريش والطين وأوراق الأشجار وتبنيها بحرفية عالية في سبيل بناء عش يكون الملجأ لها في أيام البرد القارس خلال فصل الشتاء، حيث تقوم هذه الطيور باستخدام مواد عازلة تعمل على المحافظة على درجة حرارة العش الذي تم اختيار موقعه بعناية فائقة لحمايته من العوامل الجوية التي قد تؤثر عليه، عندها تبني بيتاً لها يتميز بالمتانة معتمدة بذلك على بعض خيوط العنكبوت وغيرها لربط الأعشاب مع بعضها بشكل محكم.
الحيوانات البحرية وكيفية تحميها من البرد:
بعض الكائنات تعيش في الماء، سواء في البحار أو المحيطات أو الأنهار أو البحيرات. تلجأ هذه الحيوانات إلى استراتيجيات تعمل على حمايتها خلال فصل الشتاء البارد، ومن أبرزها ما يلي:
الهجرة أو البحث عن أماكن دافئة: تلجأ بعض الحيوانات للهجرة إلى مناطق دافئة خلال فصل الشتاء لتجنب برد الشتاء، ومن بين تلك الحيوانات مثلاً الحيتان الرمادية التي تهاجر من القطب الشمالي إلى المكسيك حيث تضع صغارها بعيداً عن برد الشتاء، كما أن السلاحف البحرية تهاجر إلى المناطق الاستوائية الدافئة التي توفر لها بيئة أكثر استقراراً للبقاء على قيد الحياة.
تكيف الحيوانات البحرية مع البرد: حيث يوجد بعض الحيوانات التي تقوم بالتكيف مع الأجواء الباردة لتضمن بقائها على قيد الحياة طوال فترة الشتاء البارد، ومن أبرز تلك الحيوانات هناك الفقمة التي تمتلك طبقة سميكة من الشحم تحت جلدها تعمل كعازل حراري يساعدها في الحفاظ على حرارة جسدها في المياه الباردة، كما أن الدلافين تعتمد على عدة تكييفات منها وجود طبقة سميكة من الدهون تحت جلدها إضافة إلى وجود نظام خاص للدوران الدموي يسمى التبادل الحراري المضاد حيث يتم فيه تبادل الحرارة بين الأوعية الدموية الدافئة وهذا ما يساعدها على الحفاظ على درجة حرارة أجسادها داخل المياه الباردة.
التكييفات الجسدية والسلوكية:
تعكس التكيفات الجسدية والسلوكية قدرة الحيوانات الرائعة على التكيف مع الظروف البيئية القاسية وضمان بقائها على قيد الحياة خلال فترات الشتاء الباردة، ومن بين الأمثلة على ذلك:
https://teketrek.net/en/the-nagel-fish-most-important-information/
تغيير الحيوانات لسلوكها:
تقوم بعض الحيوانات بتغيير سلوكها الخاص بها مع اقتراب فصل الشتاء البارد حيث تقوم بعملية السبات الشتوي أو الهجرة، كالآتي:
السبات:تدخل العديد من الحيوانات في حالة سبات خلال فصل الشتاء للحفاظ على الطاقة عندما تكون الموارد الغذائية نادرة، حيث تتباطأ وظائف الجسم الأساسية مثل معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم، ومن بين تلك الحيوانات نرى الدببة والخفافيش تدخل في سبات عميق خلال الأشهر الباردة.
الهجرة:تهاجر بعض الحيوانات إلى مناطق أكثر دفئاً خلال فصل الشتاء لتجنب البرد والعثور على موارد غذائية أفضل، حيث تقوم بعض أنواع الطيور مثل السنونو بقطع مسافات طويلة جداً إلى المناطق الاستوائية للعرب من برد الشتاء.
التكيفات الجسدية التي تساعدها على البقاء على قيد الحياة: تقوم الحيوانات ببعض التكيفات الجسدية التي تتمثل بمايلي:
تغيير الفراء:تزيد بعض الحيوانات من سمك فروها لمواجهة البرد، حيث يعمل الفرو السميك كعازل طبيعي ويحافظ على حرارة الجسم، إضافة لذلك من الممكن أن تتغير ألوان فراء بعض الحيوانات مثل الثعالب القطبية لتناسب البيئة المحيطة بها وتوفر حماية إضافية لها.
https://teketrek.net/en/bottlenose-dolphin-friend-of-man-and-dancing-waves/
تراكم الدهون:تقوم العديد من الحيوانات بتخزين كميات كبيرة من الدهون خلال الفصول الدافئة، لاستخدامها كمصدر طاقة خلال الشتاء عندما يكون الغذاء نادراً، ومن الأمثلة على ذلك الفقمة والدببة.
التكيفات الحرارية:تمتلك الحيوانات البحرية مثل الدلافين والفقمة طبقة سميكة من الشحم تحت الجلد تعمل كعازل حراري، مما يساعدها على الحفاظ على درجة حرارة جسمها في المياه الباردة، كما تتميز بعض الحيوانات البحرية باحتوائها على نظام خاص بالدوران الدموي يحافظ أيضاً على حرارة الأوعية داخل جسدها.
أمثلة على حيوانات شتوية:
تعيش في المملكة البرية العديد من الحيوانات التي يمكن القول عنها أنها من الحيوانات الشتوية، حيث قامت هذه الحيوانات بالتكيف مع فصل الشتاء للبقاء على قيد الحياة رغم الظروف الجوية القاسية، ومن أشهر تلك الحيوانات:
الدببة: يعتبر هذا النوع من أبرز الأمثلة على الحيوانات التي تدخل في سبات شتوي، حيث تنخفض معدلات ضربات قلبها ودرجة حرارتها، وتبطئ عملياتها الحيوية بشكل كبير للحفاظ على الطاقة. تعتمد الدببة على الدهون المخزنة في أجسامها لتزويدها بالطاقة طوال فترة السبات، مما يساعدها على البقاء على قيد الحياة في الشتاء القاسي دون الحاجة للبحث عن الطعام.
الثعالب القطبية: تعيش الثعالب القطبية في المناطق الشمالية الباردة حيث تتميز بوجود فرو سميك يعمل كعازل حراري لها يساعدها في الحفاظ على درجة حرارة أجسادها، إضافة لذلك من الممكن أن يتغير لون فرائها للون الأبيض لتوفير التمويه الجيد في الثلج.
السنونو: يعتبر هذا النوع من الطيور المهاجرة التي تهاجر من المناطق الباردة في أمريكا الشمالية وأوروبا إلى المناطق الدافئة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا.
الطيور المغردة: تسافر هذه الطيور مسافات طويلة من مناطق التكاثر الشمالية إلى الأماكن الاستوائية والمعتدلة حيث تتوافر الظروف المعيشية الملائمة لها من درجات حرارة مثالية إضافة إلى توافر الغذاء والماء الضروريان لها.
في الختام، نجد أن الإجابة عن سؤال كيف تبني الحيوانات بيوتها في الشتاء؟ قد تمت من خلال جهود الباحثين وعلماء الكائنات الحية الذين قاموا بمراقبة سلوك وتصرفات تلك الحيوانات، ووجدوا أن تكيف الحيوانات مع الشتاء ضمن لها بقائها على قيد الحياة سواء أكان من خلال السلوكيات التي اتبعتها أو حتى من خلال التكييفات الجسدية التي قامت بها، كل ذلك يصب في هدف واحد وهو الحفاظ على تلك الحيوانات على قيد الحياة وهذا مايسهم بشكل كبير في الحفاظ على التوازن البيئي داخل تلك المملكة المعقدة.